-
Pdf
-
Html
-
تَقَابَلَ الأُسْتَاذُ مَعَ طُلَّابِهِ دَاخِلَ قَاعَةِ الدَّرْسِ وَدَارَ الحَدِيثُ حَوْلَ رُؤْيَةِ الطُّلَّابِ لِلحَرْبِ وَالسَّلَامِ وَاقْتِرَاحَاتِهِمْ حَوْلَ نَشْرِ السَّلَامِ وَإِطْفَاءِ نَارِ الحَرْبِ.
الأُسْتَاذُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
الطُّلَّابُ: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
الأُسْتَاذُ: مَوْضُوعُ دَرْسِنَا الْيَوْمَ عَنِ السَّلَامِ.
مَنْ يُعَرِّفُ لَنَا السَّلَامَ؟
الطُّلَّابُ: السَّلَامُ يَعْنِي الْأَمَانَ؛ أَنْ يَشْعُرَ الْإِنْسَانُ بِالْأَمْنِ فِي بَيْتِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ.
الأُسْتَاذُ: أَحْسَنْتَ.
الطُّلَّابُ: وَالسَّلَامُ هُوَ عَكْسُ الْحَرْبِ، وَالْحَرْبُ تَعْنِي التَّأَخُّرَ وَالْمَوْتَ؛ إذًا السَّلَامُ يَعْنِي التَّقَدُّمَ وَالْحَيَاةَ.
الأُسْتَاذُ: مُمْتَازٌ!
تَعْرِيفُكُمَا صَوَابٌ لِلسَّلَامِ. فمَا رَمْزُ السَّلَامِ؟
الطُّلَّابُ: يُرْمَزُ لِلسَّلَامِ بِحَمَامَةٍ تَحْمِلُ فِي مِنْقَارِهَا غُصْنَ الزَّيْتُونِ.
الأُسْتَاذُ: هَلْ تَعْرِفُ قِصَّةَ هَذِهِ الْحَمَامَةِ؟
الطُّلَّابُ: لَا، لَا أَعْرِفُ الْقِصَّةَ، وَلَكِنِّي أَظُنُّ أَنَّهَا قَدِيمَةٌ جِدًّا.
الأُسْتَاذُ: نَعَمْ، هِيَ قَدِيمَةٌ؛ فَهِيَ مُنْذُ عَهْدِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَنُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ ظَلَّ يَدْعُو قَوْمَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ دُونَ الشِّرْكِ بِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يُؤْمِنْ مَعَهُ إِلَّا الْقَلِيلُ مِنْ قَوْمِهِ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ بِبِنَاءِ السَّفِينَةِ مِنْ ثَلَاثِ طَوَابِقَ: الطَّابَقِ الْأَوَّلِ لِلْوُحُوشِ وَالْحَيَوَانَاتِ، وَالثَّانِي لِلْبَشَرِ مِمَّنْ آمَنَ بِنُوحٍ، وَالثَّالِثِ لِلطَّيْرِ. وَعِنْدَمَا جَاءَ الطُّوفَانُ أَفْنَى اللَّهُ كُلَّ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنَ بَشَرٍ، وَغَطَّى الْمَاءُ أَعَالِي قِمَمِ الْجِبَالِ؛ لِذَلِكَ أَرْسَلَ نُوحٌ الْغُرَابَ لِيَرَى إِذَا كَانَتِ الْأَرْضُ شَرِبَتِ الْمَاءَ أَمْ لَا، فَلَمْ يَعُدِ الْغُرَابُ، فَأَرْسَلَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَمَامَةَ فَعَادَتْ وَرِجْلُهَا مُغَطَّاةٌ بِالطِّينِ وَفِى مِنْقَارِهَا غُصْنُ زَيْتُونٍ، فَعَرَفَ نُوحٌ أَنَّ الْأَرْضَ قَدْ شَرِبَتِ الْمَاءَ، وَفَتَحَ السَّفِينَةَ لِيَخْرُجَ مَنْ بِهَا وَيُعَمِّرَ الْأَرْضَ مَرَّةً أُخْرَى؛ وَلِهَذَا يُرْمَزُ لِلْحَمَامَةِ وَغُصْنِ الزَّيْتُونِ بِرَمْزِ السَّلَامِ.
كَذَلِكَ يُعْتَبَرُ اللَّوْنُ الْأَبْيَضُ رَمْزًا لِلسَّلَامِ؛ فَجَعَلَتْ أَكْثَرُ الدُّوَلِ اللَّوْنَ الْأَبْيَضَ جُزْءًا مِنْ عَلَمِهَا.
الطُّلَّابُ: قِصَّةٌ جَمِيلَةٌ جِدًّا.
إِذًا أَكْثَرُ الدُّوَلِ تُحِبُّ السَّلَامَ وَتَرْمُزُ إِلَيْهِ.
فَلِمَ نَرَى كَثِيرًا مِنَ الدُّوَلِ تَتَحَارَبُ وَتَتَقَاتَلُ؟
الأُسْتَاذُ: لِلْحَرْبِ أَسْبَابٌ شَتَّى، فَمِنْهَا:
1. انْعِدَامُ سَبِيلٍ آخَرَ لِحَلِّ الْخِلَافَاتِ.
2. مُوَاجَهَةُ تَهْدِيدٍ مُبَاشِرٍ بِالْعُدْوَانِ.
3. الْحَاجَةُ الْمُلِحَّةُ لِلْمُقَوِّمَاتِ الْأَسَاسِيَّة لِلْبَقَاءِ (غِذَاءٍ، مِيَاهٍ، مَلْجَأٍ...).
4. اسْتِغْلَالُ الدِّينِ لِتَحْقِيقِ أَغْرَاضٍ سِيَاسِيَّةٍ فَتَنْدَلِعُ الْحُرُوبُ بَيْنَ الْأُمَمِ.
5. وَهُنَاكَ حُرُوبُ الِاسْتِقْلَالِ وَالتَّحْرِيرِ الشَّعْبِيَّةِ الَّتِي تَخُوضُهَا بَعْضُ الشُّعُوبِ لِطَرْدِ الْمُحْتَلِّينَ أَوْ إِسْقَاطِ الْأَنْظِمَةِ الِاسْتِبْدَادِيَّةِ.
وَالْحُرُوبُ عَلَى اخْتِلَافِ أَسْبَابِهَا فَإِنَّ نَتَائِجَهَا مُتَشَابِهَةٌ.
مَنْ يَعْرِفُ نَتَائِجَ الْحَرْبِ؟
الطُّلَّابُ: الْحَرْبُ تُؤَدِّي إِلَى الْجَهْلِ وَتَأَخُّرِ الْحَضَارَاتِ.
وَتُؤَدِّي الْحُرُوبُ إِلَى أَمْرَاضٍ نَفْسِيَّةٍ جَسِيمَةٍ، خَاصَّةً عِنْدَ الْأَطْفَالِ، وَهَذَا بِسَبَبِ أَصْوَاتِ الِانْفِجَارَاتِ وَالْهَدْمِ وَمُشَاهَدَةِ الدِّمَاءِ.
الطُّلَّابُ: وَأَيْضًا تُؤَدِّي الْحُرُوبُ إِلَى التَّوَتُّرَاتِ الْعَصَبِيَّةِ الَّتِي تَنْتِجُ نَتِيجَةً لِانْقِطَاعِ الْخِدْمَاتِ الْعَامَّةِ مِثْلِ الْمِيَاهِ، وَالْكَهْرَبَاءِ، وَالْمَدَارِسِ، وَالْجَامِعَاتِ، وَالْأَسْوَاقِ.
بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ فَإِنَّ عَدَمَ تَوَافُرِ الْحَاجَاتِ الْأَسَاسِيَّةِ سَبَبٌ كَافٍ لِلْأَمْرَاضِ الْجَسَدِيَّةِ وَالِاكْتِئَابِ.
الأُسْتَاذُ: رَائِعٌ! كُلُّ هَذَا وَأَكْثَرُ نَتِيجَةُ الْحُرُوبِ.
لِذَلِكَ نَأْمُلُ أَنْ يَكُونَ السَّلَامُ هَدَفًا لِكُلِّ الدُّوَلِ.
الطُّلَّابُ: نَعَمْ، وَلَكِنَّ عِنْدِي سُؤَالٌ: هَلْ يُوجَدُ دِينٌ يَدْعُو إِلَى الْحَرْبِ؟
الأُسْتَاذُ: أَبَدًا ، فَكُلُّ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ تَدْعُو إِلَى السَّلَامِ وَتَحُثُّ عَلَيْهِ.
الطُّلَّابُ: أُسْتَاذِي، نَحْنُ الشَّبَابُ مَا دَوْرُنَا فِي تَحْقِيقِ السَّلَامِ؟
الأُسْتَاذُ: سُؤَالٌ مُمْتَازٌ!
أَوَّلًا: حَتَّى نَنْشُرَ أَيَّ فَضِيلَةٍ أَوْ نُحَقِّقَهَا يَجِبُ أَنْ نَتَحَلَّى نَحْنُ بِهَا أَوَّلًا، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ السَّلَامُ صِفَةً أَسَاسِيَّةً فِي سُلُوكِنَا.
ثَانِيًا: نَتَعَامَلُ بِالسَّلَامِ مَعَ الْأَصْدِقَاءِ وَالْأَهْلِ وَالنَّاسِ عَامَّةً.
ثَالِثًا: نَكْتُبُ عَلَى مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الْإِلِكْتِرُونِيِّ وَغَيْرِهِ وَيْلَاتَ الْحَرْبِ وَآثَارَهَا، وَحَقِيقَةَ السَّلَامِ وَثِمَارَهِ.
كُلُّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَنْشُرَ حُبَّ السَّلَامِ فِي قُلُوبِ النَّاسِ؛ وَمِنْ ثَمَّ سَيَنْتَشِرُ السَّلَامُ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ.
شُكْرًا لَكُمْ طُلَّابِي الْأَعِزَّاءَ.
أَرَاكُمْ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
الطُّلَّابُ: شُكْرًا لَكَ أُسْتَاذَنَا.
فَقَدْ كَانَ دَرْسُ الْيَوْمِ مُفِيدًا وَشَيِّقًا.
-