-
Pdf
-
Html
-
الزَّوَاجُ هُوَ اللَّبِنَةُ الأُولَى لِبِنَاءِ الأُسْرَةِ الَّتِي تَتَكَوَّنُ مِنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، وَهَذَا مَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ الشَّرَائِعُ السَّمَاوِيَّةُ وارْتَضَتْهُ لِإِقَامَةِ عَلَاقَةٍ تَجْمَعُ الرَّجُلَ وَالمَرْأَةَ، وَهُوَ أَمْرٌ تَفْرِضُهُ الطَّبِيعَةُ البَشَرِيَّةُ وَالشَّرَائِعُ السَّمَاوِيَّةُ.
الزَّوَاجُ فِي الإِسْلَامِ:
فَفِي الإِسْلَامِ يُعْتَبَرُ الزَّوَاجُ شِرْعَةً كَوْنِيَّةً هَدَفُهُ الأَسْمَى عِمَارَةُ الأَرْضِ، فَقَدْ قَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} [البَقَرَة: 30]،
كَمَا حَثَّ الرَّسُولُ ﷺ الشَّبَابَ عَلَى الإسْرَاعِ فِي الزَّوَاجِ فَقَالَ ﷺ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكٌم البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ؛ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» (رَوَاهُ البُخَارِيُّ).وَلِلزَّوَاجِ فِي الإِسْلَامِ شُرُوطٌ وَضَوَابِطُ تَحْفَظُ حُقُوقَ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الأَصْلَ فِي الزَّوَاجِ الأَبَدِيَّةُ وَالِاسْتِمْرَارِيَّةُ:
فَالشَّرْطُ الأَوَّلُ «الرِّضَا»، وَهُوَ أَنْ يَرْتَضِيَ الرَّجُلُ وَالمَرْأَةُ الزَّوَاجَ كُلٌّ مِنَ الآخَرِ، فَالغَصْبُ وَالإكْرَاهُ مِنَ الأمُورِ المَنْهِيِّ عَنْهَا، وَيُعْتَبَرُ مِنْ مُبْطِلَاتِ الزَّوَاجِ؛ لِهَذَا شُرِعَتِ الرُّؤْيَةُ الشَّرْعِيَّةُ؛ لِمَا رَوَاهُ أنَسُ بْنُ مَالِكٍ، أنَّ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةً أَرَادَ أنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» (رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه).
وَثَانِي الشُّرُوطِ «الوَلِيُّ»، وَيَكُونُ وَكِيلًا عَنِ المَرْأةِ فِي عَقْدِ الزَّوَاجِ؛ لِحَدِيثِهِ ﷺ: «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ» (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).
وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: «تَعْيِينُ الزَّوْجَيْنِ» فَلَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِ كُلٍّ مِنَ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ بِاسْمِهِ أَوْ صِفَتِهِ، فَلَا يَصِحُّ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَقُولَ: «زَوَّجْتُكَ بِنْتِي» وَلَهُ بَنَاتٌ غَيْرُهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الزَّوْجَيْنِ.
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: «الإِشْهَادُ»، وَهُوَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى عَقْدِ الزَّوَاجِ شَاهِدا عَدْلٍ.
وَالشَّرْطُ الخَامِسُ: «الخُلُوُّ مِنَ المَوَانِعِ»، فَهُنَاكَ مَوَانِعُ تَمْنَعُ الزَّوَاجَ وَتُحَرِّمُهُ حَتَّى لَوِ اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ السَّابِقَةَ، وَهِيَ مَثَلًا: أنْ تَكُونَ البِنْتُ أُخْتَ الرَّجُلِ مِنَ الرِّضَاعِ أَوْ تَكُونَ فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوَاجٍ سَابِقٍ، أَوْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُتَزَوِّجًا مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ (وَهُوَ الحَدُّ الأَقْصَى لِتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ فِي الإِسْلَامِ).
وَقَدْ جَبَّ الإِسْلَامُ مَا قَبْلَهُ مِنْ صُوَرِ الزَّوَاجِ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَالَّتِي تُهِينُ المَرْأَةَ وَتُرِيقُ مَاءَ وَجْهِهَا، وَلَا تَجْعَلُ لَهَا أَيَّ حُقُوقٍ، فَقَدْ كَانَ النِّكَاحُ فِي الجَاهِلِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءَ: مِنْهَا نِكَاحُ النَّاسِ اليَوْمَ، يَخْطُبُ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ وَلِيَّتَهُ أَوِ ابْنَتَهُ فَيُصْدِقُهَا ثُمَّ يَنْكِحُهَا.
وَنِكَاحٌ ثَانٍ: يَطْلُبُ الرَّجُلُ مِنْ زَوْجَتِهِ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَتَسْتَبْضِعَ مِنْهُ، وَكَانَ الزَّوْجُ يَعْتَزِلُ زَوْجَتَهُ وَلَا يَمَسُّهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي تَسْتَبْضِعُ مِنْهُ، فَإِذَا تَبَيَّنَ حَمْلُهَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا إذَا أَحَبَّ، وَإنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي نَجَابَةِ الوَلَدِ، فَكَانَ هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الِاسْتِبْضَاعِ.
وَنِكَاحٌ ثَالِثٌ: يَجْتَمِعُ الرَّهْطُ مَا دُونَ العَشَرَةِ، فَيَدْخُلُونَ عَلَى المَرْأَةِ كُلُّهُمْ يُصِيبُهَا، فَإذَا حَمَلَتْ وَوَضَعَتْ، أَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ، فَتُسَمِّي مَنْ أَحَبَّتْ بِاسْمِهِ، فَيَلْحَقُ بِهِ وَلَدُهَا، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْهُ الرَّجُلُ.
وَنِكَاحٌ رَابِعٌ: وَذَلِكَ نِكَاحُ البَغَايَا، كُنَّ يَنْصِبْنَ عَلَى أَبْوَابِهِنَّ رَايَاتٍ تَكُونُ عَلَمًا، فَمَنْ أَرَادَهُنَّ دَخَلَ عَلَيْهِنَّ، فَإِذَا حَمَلَتْ إِحْدَاهُنَّ، وَوَضَعَتْ حَمْلَهَا، جُمِعُوا لَهَا، وَدَعَوْا لَهُمُ القَافَةَ، ثُمَّ أَلحَقُوا وَلَدَهَا بِالَّذِي يَرَوْنَ، فَيُنْسَبُ لَهُ وَيُدْعَى ابْنَهُ. فَلَمَّا بُعِثَ مُحَمَّدٌ ﷺ بِالحَقِّ، هَدَمَ نِكَاحَ الجَاهِلِيَّةِ كُلَّهُ إِلَّا نِكَاحَ النَّاسِ اليَوْمَ.
وَقَدْ جَعَلَ الإِسْلَامُ لِلْمَرأَةِ حَقًّا مُقَابِلَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا، وَهُوَ حَقٌّ لَهَا وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ، قَالَ تَعَالَى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء: 4]، وَأوْصَى الرَّسُولُ الكَرِيمُ بِهَا فَقَالَ ﷺ «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، كَمَا جَعَلَ الإِسْلَامُ لِلْمَرْأَةِ حَقًّا وَاضِحًا فِي إِرْثِ زَوْجِهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ تُوَرَّثُ كَأَيِّ مَتَاعٍ فِي تَرِكَةِ الزَّوْجِ.
وَرَغْمَ حِرْصِ الإِسْلَامِ عَلَى اسْتِمْرَارِيَّةِ عَقْدِ الزَّوَاجِ، إِلَّا أَنَّ مِنْ رَحَابَةِ هَذَا الدِّينِ شُرُوعُ الطَّلَاقِ إِذَا اسْتَحَالَتِ الحَيَاةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، وَالطَّلَاقُ فِي الإِسْلَامِ طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ، وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ، لَكِنْ يَحِقُّ لَهُ رَدُّهَا مَتَى شَاءَ خِلَالَ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، وَهَذَا الحَقُّ مَرَّتَانِ فَقَطْ، فَإِذَا طَلَّقَهَا الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا، أَيْ لَا يَحِقُّ لَهَا مُرَاجَعَتُهَا إِلَّا بِشُرُوطٍ.
الزَّوَاجُ فِي المَسِيحِيَّةِ:
الزَّوَاجُ فِي المَسِيحِيَّةِ زَوَاجٌ مُقَدَّسٌ، وَيُعْتَبَرُ بَيْتُ الزَّوْجِيَّةِ كَنِيسَةً صَغِيرَةً، وَهُوَ عَلَاقَةٌ رُوحِيَّةٌ تَجْمَعُ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، «عِنْدَمَا يَتَزَوَّجُ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّهُمَا لَيْسَا فِيمَا بَعْدُ اثْنَيْنِ بَلْ جَسَدٌ وَاحِدٌ» [مَتَّى 6:19]، «لِذَلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِه وَيَكُونَا جَسَدًا وَاحِدًا». [سِفْرُ التَّكْوِينِ 24:2]، وَلَيْسَ هُنَاكَ شُرُوطٌ لِلزَّوَاجِ فِي المَسِيحِيَّةِ، فَالزَّوَاجُ يَتِمُّ أَوَّلًا بِمُوَافَقَةِ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ، ثُمَّ تَتِمُّ المَرَاسِيمُ بِالكَنِيسَةِ، وَلَا تُوجَدُ قَوَانِينُ لِمِيرَاثِ الزَّوْجَةِ فِي المَسِيحِيَّةِ، وَالطَّلَاقُ أَمْرٌ صَعْبٌ جِدًّا اسْتِنَادًا لِمَا وَرَدَ «وَأَنَّ مَا جَمَعَهُ اللَّهُ لَا يُفَرِّقُهُ إِنْسَانٌ» [مُرْقُس 10: 9]، إِلَّا فِي حَالَةِ الزِّنَا، فَإِنْ تَابَ الزَّانِي فَلَا دَاعِيَ لِلطَّلَاقِ، وَهُنَاكَ مَا يُسَمَّى بِبُطْلَانِ الزَّوَاجِ أَوْ فَسْخِ العَقْدِ، وَهُوَ مَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ تَمَامًا، وَشُرُوطُهُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مَرِيضًا بِمَرَضٍ عُضَالٍ وَأَخْفَى هَذَا المَرَضَ قَبْلَ الزَّوَاجِ، أَوْ يَكُونَ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ أُكْرِهَ عَلَى الِارْتِبَاطِ بِشَرِيكِ حَيَاتِهِ، وَعَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ أَنْ يَمْتَثِلَا لِأَمْرِ دِينِهِمْ بِحِفْظِ بَعْضِهِمَا بَعْضًا، وَأَنْ تَكُونَ المَحَبَّةُ قَائِمَةً بَيْنَهُمَا مَدَى الحَيَاةِ.
الزَّوَاجُ فِي اليَهُودِيَّةِ:
الزَّوَاجُ فِي اليَهُودِيَّةِ يَكُونُ بِمُوَافَقَةِ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ، وَإِجْبَارُ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوَاجِ يُعَدُّ مِنَ أَسْبَابِ بُطْلَانِ عَقْدِ الزَّوَاجِ، وَالهَدَفُ مِنَ الزَّوَاجِ عِنْدَ اليَهُودِ إنْجَابُ الأَوْلَادِ، فَكَانُوا يُطَلِّقُونَ المَرْأَةَ الَّتِي لَمْ تُنْجِبْ وَلَا يَتَزَوَّجُهَا أَحَدٌ، وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الحَقُّ فِي طَلَبِ الطَّلَاقِ إِلَّا إذَا امْتَنَعَ الزَّوْجُ عَنْ إِطْعَامِهَا أَوْ كِسْوَتِهَا أَوْ مُضَاجَعَتِهَا مُضَاجَعَةَ الأَزْوَاجِ مُدَّةَ سَنَةٍ، وَالطَّلَاقُ عِنْدَهُمْ يَكُونُ بِتَقْدِيمِ وَثِيقَةٍ مَكْتُوبَةٍ يُعْطِيهَا الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ، ثُمَّ يُخْرِجُهَا مِنْ بَيْتِهِ.
وَقَدْ تَعَدَّدَتْ صُوَرُ الزَّوَاجِ المُحَرَّمِ فِي مُجْتَمَعِنَا المُعَاصِرِ، نَتِيجَةَ البُعْدِ عَنِ الدِّينِ، وَمُحَاكَاةً لِلْغَرْبِ فِي تَقَالِيدِهِمْ، فَضْلًا عَنِ المُغَالَاةِ فِي المُهُورِ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُسَمَّى بِزَوَاجِ المُتْعَةِ: وَفِيهِ يَدْفَعُ الرَّجُلُ لِلْمَرْأَةِ مَبْلَغًا مِنَ المَالِ مُقَابِلَ التَّمَتُّعِ بِهَا لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ دُونَ أَيِّ شُرُوطٍ، وَيَنْتَهِي الزَّوَاجُ بِانْقِضَاءِ المُدَّةِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا بِدُونِ طَلَاقٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ تَوَارُثٍ أَوْ نَسَبٍ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ شَرْعًا.
وَمِنْ صُوَرِ الزَّوَاجِ المُحَرَّمَةِ أَيْضًا مَا يُسَمَّى بِالزَّوَاجِ العُرْفِيِّ، وَيَكُونُ بِكِتَابَةِ وَرَقَتَيْنِ يُقِرُّ الرَّجُلُ أَنَّ هَذِهِ المَرْأَةَ زَوْجَتُهُ، وَيَشْهَدُ اثْنَانِ عَلَيْهِ، وَتَكُونُ وَرَقَةٌ مَعَ الرَّجُلِ وَأُخْرَى مَعَ المَرْأَةِ، وَهَذَا الزَّوَاجُ فَاسِدٌ؛ لِقِيَامِهِ عَلَى السِّرِّيَّةِ، وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الزَّوَاجِ الإِشْهَارِ، كَمَا أَنَّهُ بِلَا وَلِيٍّ وَبِلَا مَهْرٍ، وَهُمَا مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الزَّوَاجِ.
مَرَاسِمُ الزَّوَاجِ:
وَهِيَ العَادَاتُ وَالتَّقَالِيدُ المُتَّبَعَةُ فِي الزَّوَاجِ، وَتَخْتَلِفُ مِنْ مَكَانٍ لِآخَرَ، لَكِنَّ الشَّيْءَ المُشْتَرِكَ بَيْنَ جَمِيعِ مَرَاسِمِ الزَّوَاجِ هُوَ انْتِهَاءُ المَرَاسِمِ بِذَهَابِ العَرُوسِ لِبَيْتِ زَوْجِهَا؛ تَمْهِيدًا لِحَيَاةٍ مُشْتَرَكَةٍ تَجْمَعُهُمَا.
وَصَايَا لِلْحَيَاةِ الزَّوْجِيَّةِ السَّعِيدَةِ:
وَهِيَ وَصَايَا أُمَامَةَ بِنْتِ الحَارِثِ أَوْصَتْ بِهَا ابْنَتَهَا قَبْلَ يَوْمِ زِفَافِهَا، وَمِنْهَا:
1- الصُّحْبَةُ بِالقَنَاعَةِ وَالمُعَاشَرَةِ بِحُسْنِ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ: فَبِالقَنَاعَةِ يَرْتَاحُ القَلْبُ، وَطَاعَةُ الزَّوْجِ - فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ - مَرْضَاةٌ لِلَّهِ.
2- التَّفَقُّدُ لِعَيْنِ زَوْجِهَا وَأَنْفِهِ: فَلَا بُدَّ أَنْ تَقَعَ عَيْنُهُ عَلَى كُلِّ جَمِيلٍ مِنْكِ، وَأَنْ يَجِدَ أَطْيَبَ رِيحٍ فِي كُلِّ البَيْتِ.
3- الِاهْتِمَامُ بِوَقْتِ طَعَامِ زَوْجِهَا وَوَقْتِ نَوْمِهِ: لِأَنَّ حَرَارَةَ الجُوعِ تُلْهِبُهُ، وَتَنْغِيصَ النَّوْمِ يُغْضِبُهُ.
4- حِمَايَةُ مَالِهِ وَأَوْلَادِهِ: فَتُحَافِظُ عَلَى مَالِهِ بِحُسْنِ تَقْدِيرِهَا لِاحْتِيَاجَاتِ البَيْتِ، وَتُحَافِظُ عَلَى الأَوْلَادِ بِتَرْبِيَتِهِمْ تَرْبِيَةً صَالِحَةً.
5- أَلَّا تُفْشِي لَهُ سِرًّا وَلَا تَعْصِي لَهُ أَمْرًا: فَإِنْ أَفْشَتِ المَرْأَةُ سِرَّ زَوْجِهَا لَا تَأْمَنُ غَدْرَهُ، وَإِنْ عَصَتْ أَمْرَهُ أَوْغَرَتْ صَدْرَهُ.
وَفِي نِهَايَةِ الوَصِيَّةِ قَالَتِ الأُمُّ لِابْنَتِهَا: «.. إِيَّاكِ وَالفَرَحَ إِذَا كَانَ زَوْجُكِ حَزِينًا، وَإِيَّاكِ وَالِاكْتِئَابَ إِذَا كَانَ زَوْجُكِ سَعِيدًا».
وَبِتِلْكَ الوَصَايَا رَسَمَتِ الأُمُّ لِابْنَتِهَا حَيَاةً زَوْجِيَّةً سَعِيدَةً، وَكُلَّمَا أَطَاعَتِ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا، كَانَ لَهَا نِعْمَ الرَّجُلُ وَالسَّنَدُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ .
-