-
Pdf
-
Html
-
الطَّاقَةُ الْكَهْرُومَائِيَّةُ
الطَّاقَةُ الكَهْرُومَائِيَّةُ: هِيَ الطَّاقَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ حَرَكَةِ الْمِيَاهِ الدَّائِمَةِ، مِثْلُ تَدَفُّقِ الْمِيَاهِ وَسُقُوطِهَا فِي مَسَاقِطِ الْمِيَاهِ (الشَّلَّالَاتِ)، وَتَلَاطُمِ الْأَمْوَاجِ فِي الْبِحَارِ، كُلُّ هَذِهِ الْحَرَكَاتِ تُنْتِجُ طَاقَةً يُمْكِنُ تَحْوِيلُهَا إِلَى طَاقَةٍ كَهْرُبَائِيَّةٍ.
وَتُسْتَغَلُّ هَذِهِ الطَّاقَةُ مُنْذُ أَقْدَمِ الْعُصُورِ، حَيْثُ كَانَتْ تُسْتَخْدَمُ فِي مَطَاحِنِ الدَّقِيقِ وَإِنْتَاجِ الْحُبُوبِ، وَكَانَتْ تُسْتَغَلُّ حَرَكَةُ الْمِيَاهِ فِي تَحْرِيكِ عَجَلَةٍ لِضَخِّ الْمِيَاهِ فِي قَنَوَاتِ الرَّيِّ وَغَيْرِهَا.
وَتَتَوَافَرُ هَذِهِ الطَّاقَةُ فِي الْبِلَادِ الَّتِي تَتَوَاجَدُ فِيهَا الْبِحَارُ أَوِ الْأَنْهَارُ، حَيْثُ يَكُونُ الِاعْتِمَادُ كُلِّيًّا عَلَى حَرَكَةِ الْمِيَاهِ، أَمَّا الْبِلَادُ ذَاتُ الْمُنَاخِ الْجَافِّ وَالصَّحْرَاوِيِّ لَا تَنْعَمُ بِهَذِهِ الطَّاقَةِ.
تُسَمَّى هَذِهِ الطَّاقَةُ بِالطَّاقَةِ الْمُتَجَدِّدَةِ، مِثْلِ: الشَّمْسِ، وَالرِّيَاحِ، وَلَا تَنْقَطِعُ خِلَافًا لِلطَّاقَةِ غَيْرِ الْمُتَجَدِّدَة، مِثْلِ: الْفَحْمِ، وَالْغَازِ الطَّبِيعِيِّ، وَالنِّفْطِ، وَالْوَقُودِ الأُحْفُورِيِّ، وَهَذَا الْأَخِيرُ (الْوَقُودُ الأُحْفُورِيُّ) مُكَلِّفٌ وَمُلَوِّثٌ لِلْبِيئَةِ، حَيْثُ إِنَّهُ يُصْدِرُ غَازَاتٍ مُضِرَّةً.
لِذَلِكَ تَسْعَى كُلُّ الدُّوَلِ لِلْحُصُولِ عَلَى هَذِهِ الطَّاقَةِ (الطَّاقَةِ الكَهْرُومَائِيَّةِ) لِمَزَايَاهَا الْمُتَعَدِّدَةِ، الَّتِي تَتَمَثَّلُ فِي كَوْنِهَا طَاقَةً نَظِيفَةً (وَتُسَمَّى أَيْضًا صَدِيقَةً لِلْبِيئَةِ) لَا تَنْبَعِثُ مِنْهَا غَازَاتٌ خَطِيرَةٌ، أَوْ نُفَايَاتٌ يَصْعُبُ التَّخَلُّصُ مِنْهَا. وَمِنَ مَزَايَاهَا أَنَّهَا طَاقَةٌ رَخِيصَةٌ جِدًّا، فَلَا تُكَلِّفُ مَالًا كَثِيرًا، لَكِنَّ الطَّاقَةَ الْكَهْرُبَائِيَّةَ الْمُسْتَمَدَّةَ مِنَ الْوَقُودِ غَالِيَةٌ جِدًّا. وَمِنْ مَزَايَا الطَّاقَةِ الْكَهْرُبَائِيَّةِ الْمُسْتَمَدَّةِ مِنَ الْمِيَاهِ أَنَّهَا حَالَ تَوَافُرِهَا تَكُونُ سَبَبًا لِجَذْبِ الصِّنَاعَةِ فِي الْبَلَدِ.
وَلِهَذِهِ الطَّاقَةِ عُيُوبٌ أَيْضًا: مَصَادِرُهَا مُتَقَطِّعَةٌ، حَيْثُ تَتَوَافَرُ فِي وَقْتٍ وَتَقِلُّ فِي وَقْتٍ آخَرَ، وَفِي ذَلِكَ صُعُوبَةُ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهَا كُلِّيًّا. وَمِنَ الْأَضْرَارِ أَنَّهَا طَاقَةٌ يَصْعُبُ تَخْزِينُهَا؛ فَقَدْ تُهْدَرُ دُونَ الِاسْتِفَادَةِ بِهَا.
عَلَى جَمِيعِ الْأَحْوَالِ: يَجِبُ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ الِاعْتِمَادُ بِشَكْلٍ كَبِيرٍ عَلَى الطَّاقَاتِ الْمُتَجَدِّدَةِ، وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنِ الطَّاقَاتِ غَيْرِ الْمُتَجَدِّدَةِ؛ لِأَنَّهَا سَتَنْفَذُ لَا مَحَالَةَ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَالَمُ عَلَى اسْتِعْدَادٍ لِذَلِكَ قَبْلَ حُدُوثِهِ حَتَّى تَسْتَمِرَّ الْحَيَاةُ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَمْرَاضِ الَّتِي نُعَانِيهَا فِي زَمَنِنَا هَذَا أَسَاسُهَا الِاعْتِمَادُ عَلَى تِلْكَ الطَّاقَاتِ (غَيْرِ الْمُتَجَدِّدَةِ) عَدُوَّةِ الْبِيئَةِ الَّتِي يَنْبَعِثُ مِنْهَا الدُّخَانُ وَالْغَازَاتُ وَالْمَوَادُّ الْكِيمَائِيَّةُ الضَّارَّةُ.
-