• Pdf
  • Html

    • القَرْيَةُ وَالمَدِينَةُ

      الْقَرْيَةُ تَعْنِي الْأَرْضَ الزِّرَاعِيَّةَ وَالْهَوَاءَ النَّقِيَّ وَالْهُدُوءَ وَالْعَمَلَ فِي الْحِرَفِ الْبَسِيطَةِ: كَالصِّنَاعَاتِ الْخَزَفِيَّةِ، وَالْخِيَاطَةِ، وَصِنَاعَاتِ الْغَزْلِ عَلَى الْمِنْوَالِ ... إِلَخْ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْمِهَنِ الْأَسَاسِيَّةِ فِي الْقَرْيَةِ: وَهِيَ زِرَاعَةُ الْأَرْضِ، وَرَعْيُ الْأَغْنَامِ.

      أَمَّا الْمَدِينَةُ فَتَعْنِي الْأَرْضَ الَّتِي تُبْنَى عَلَيْهَا الْعِمَارَاتُ وَالْمَصَانِعُ وَالشَّرِكَاتُ، وَلِهَذَا يَتَلَوَّثُ الْهَوَاءُ بِدُخَانِ الْمَصَانِعِ، وَتَزْدَحِمُ الْمَدِينَةُ بِكَثْرَةِ الْعُمَّالِ وَالسُّكَّانِ.

      وَتَتَمَيَّزُ الْمَدِينَةُ عَنِ الْقَرْيَةِ بِأُمُورٍ كَثِيرَةٍ، مِنْهَا: كَثْرَةُ عَدَدِ سُكَّانِ الْمَدِينَةِ، وَزِيَادَةُ مِسَاحَتِهَا، بِالْإِضَافَةِ إِلَى كَثْرَةِ فُرَصِ الْعَمَلِ، فَفِي الْمَدِينَةِ الشَّرِكَاتُ، وَالْمُسْتَشْفَيَاتُ، وَالْمَصَانِعُ، وَوُجُودُ هَذِهِ الْمُؤَسَّسَاتِ يُسَهِّلُ الْحَيَاةَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، كَمَا أَنَّ النِّزَاعَاتِ الطَّائِفِيَّةَ تَقِلُّ فِي الْمَدِينَةِ خِلَافًا لِلْقَرْيَةِ، وَأُجُورَ الْعَامِلِينَ فِي الْمَدِينَةِ أَعْلَى مِنَ الأُجُورِ فِي الْقَرْيَةِ.

      وَمِنْ عُيُوبِ الْمَدِينَةِ: كَثْرَةُ الْجَرَائِمِ كَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ ... إِلَخْ، وَهَذَا لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا، وَلِسُهُولَةِ اخْتِفَاءِ الْمُجْرِمِ، وَأَيْضًا لِضَعْفِ مُرَاقَبَةِ الْآبَاءِ عَلَى الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّ فِي الْمَدِينَةِ غَالِبًا مَا يَخْرُجُ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ لِلْعَمَلِ مُعْظَمِ الوَقْتِ، فَلَا يُوجَدُ مَنْ يُوَجِّهُ الْأَوْلَادَ إِلَى الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ فِي كُلِّ أَوْقَاتِهِمْ.

      عَمَلُ الْمَرْأَةِ: وَعَمَلُ الْمَرْأَةِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ الَّتِي يَخْتَلِفُ فِيهِا النَّاسُ، فَفِي الْقَرْيَةِ عَمَلُ الْمَرْأَةِ مَرْفُوضٌ، وَلَكِنْ فِي الْمَدِينَةِ بَعْضُ النَّاسِ يُوَافِقُ عَلَى خُرُوجِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهَا لِلْعَمَلِ، وَيَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَيَرَى بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ مِثْلَ الرَّجُلِ، فَوَظِيفَتُهَا الْأَسَاسِيَّةُ هِيَ الْبَيْتُ وَالزَّوْجُ وَالْأَوْلَادُ وَرِعَايَتُهُمْ، وَخُرُوجُهَا يَعْنِي ضَيَاعَ الْبَيْتِ وَالْأَوْلَادِ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَرَى أَنَّ الْعَمَلَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ، وَلَهَا أَنْ تَعْمَلَ وَلَكِنْ بِشُرُوطٍ: وَهِيَ أَلَّا يَتَعَارَضَ عَمَلُهَا الْخَارِجِيُّ مَعَ عَمَلِهَا فِي الْبَيْتِ، وَأَنْ تَعْمَلَ فِي مَجَالٍ مُنَاسِبٍ لَهَا كَامْرَأَةٍ، مِثْلِ مَجَالِ التَّعْلِيمِ وَالطِّبِّ ... إِلَخْ

      النِّظَامُ الْأَمْنِيُّ بَيْنَ الْقَرْيَةِ وَالْمَدِينَةِ

      عَلَى الرَّغْمِ مِنْ وُجُودِ الْجَرَائِمِ بِشَكْلٍ أَكْبَرَ فِي الْمَدِينَةِ، إِلَّا أَنَّ النِّظَامَ الْأَمْنِيَّ مُتَمَثِّلًا فِي الشُّرْطَةِ قَائِمٌ بِشَكْلٍ أَفْضَلَ فِيهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّ المُسْتَوى الثَّقَافِيَّ للقَريَةِ أَقَلُّ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَيُفَكِّرُ أَهْلُ الْقَرْيَةِ بِأَخْذِ حَقِّهِمْ بِأَيْدِيهِمْ، وَلَا يَعْتَرِفُونَ بِسُلْطَةِ الْحُكُومَةِ عَلَيْهِمْ.