يَقُولُ الكَاتِبُ: الكُتُبُ كَالنَّاسِ: مِنْهُمُ السَّيِّدُ الوَقُورُ، وَمِنْهُمُ الكَيِّسُ الظَّرِيفُ، وَمِنْهُمُ الجَمِيلُ الرَّائِعُ، وَالحَازِمُ الصَّادِقُ، وَمِنْهُمُ الخَائِنُ وَالجَاهِلُ، وَالوَضِيعُ وَالخَلِيعُ. وَالدُّنْيَا تَتَّسِعُ لِكُلِّ هَؤْلَاءِ، وَلَنْ تَكُونَ أَكْمَلَ مَكْتَبَةٍ مِنْ غَيْرِكَ إِلَا إِذَا كُنْتَ أَقْرَبَ مَثَلٍ لِلدُّنْيَا. يَقُولُ لَكَ المُرْشِدُونَ: اقْرَأْ مَا هُوَ أَنْفَعُ، وَلَكِنِّي أَقُولُ: انْتَفِعْ مِمَّا تَقْرَأُ، إِذْ كَيْفَ تَعْرِفُ الكُتُبَ الأَجْدَى نَفْعًا قَبْلَ قِرَاءَتِهَا. إِنَّ القَارِئَ الذِي لَا يَقْرَأُ إِلَا أَنْقَى الكُتُبِ كَالمَرْيضِ الذِي لَا يَأْكُلُ إِلَا أجْوَدَ الأَطْعِمَةِ، يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى ضَعْفِ المَعِدَةِ أَكْثَرُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ القَابِلِيَّةِ.