-
Pdf
-
Html
-
مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَإِبْرَاهِيمُ ثَلَاثَةُ إِخْوَةٍ مِنْ أَبٍ وَاحِدٍ يَعْمَلُ تَاجِرًا، وَاُمَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ شَقِيقَانِ، وَإِبْرَاهِيمُ طُلّقَتْ أُمُّهُ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ صَغِيرٌ، وَامْتَنَعَ الأَبُ عَنِ الإِنْفَاقِ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَتَجَاهَلَ أَخْبَارَهُ، فَتَرَبَّى الوَلَدُ بَعِيدًا عَنْ أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ، وَكَبُرَ الأَوْلَادُ وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ لَا يَعْرِفَانِ أَنَّ لَهُمْا أَخًا ثَالِثًا، وَعَاشَ الشَّقِيقَانِ حَيَاةً مُرْهَفَةً يُغْدِقُ الأَبُ عَلَيْهِمَا الأَمْوَالَ الكَثِيرَةَ التِي أَفْسَدَتْهُمَا، وَرَبَّتْ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ ابْنَهَا تَرْبِيَةً حَسَنَةً، فَعَمِلَتْ خَيَّاطَةً، وَتَحَمَّلَتِ الكَثِيرَ مِنَ الأَعْبَاءِ لِأَجْلِهِ. وَعِنْدَمَا كَبُرَ إِبْرَاهِيمُ وَسَأَلَ عَنْ أَبِيهِ فَأَخْبَرَتْهُ أُمُّهُ عَنْ أَمْرِ أَبِيهِ وَإِخْوَتِهِ، وَاهْتَمَّ إِبْرَاهِيمُ بِدِرَاسَتِهِ لِيَرُدَّ فَضْلَ أُمِّهِ عَلَيْهِ، وَصَارَ إِبْرَاهِيمُ قَاضِيًا وَاشْتُهِرَ بِالْعَدْلِ الذِي حُرِمَ مِنْهُ، فِي الوَقْتِ الذِي صَارَ مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ لَا يَهْتَمَّانِ بِأَبِيهِمَا المُسِنِّ وَأُمِّهِمَا المَرِيضَةِ، وَكُلُّ هَمِّهِمَا الحُصُولُ عَلَى الكَمِّ الأَكْبَرِ مِنَ المَالِ، وَتَشَاجَرَ الشَّقِيقَانِ مُشَاجَرَةً أَوْصَلَتْهُمَا إِلَى القَضَاءِ، وَعَرِفَ القَاضِي إِخْوَتَهُ، ثُمَّ عَرَّفَهُمَا بِنَفْسِهِ، وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا بِالعَدْلِ، ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَبِيهِ وَقَالَ لَهُ: إِنَّ المَالَ لَا يَصْنَعُ الرِّجَالَ.
-