• Pdf
  • Html

    • تَقَابَلَ سَالِمٌ وَرَامِي فِي سَاحَةِ مَرْكَزِ تَعْلِيمٍ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَدَارَ بَيْنَهُمَا تَعَارُفٌ

      وَحَدِيثٌ حَوْلَ دِرَاسَةِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَخَصَائِصِهَا، فَكَانَ هَذَا الْحِوَارُ:

      سَالِمٌ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. أَنَا سَالِمٌ مِنْ إنْجِلْتِرَا، أَدْرُسُ فِي مَرْكَزِ تَعْلِيمِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ.

      رَامِي: وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ. أَنَا رَامِي مِنَ الصِّينِ. أَدْرُسُ أَيْضًا فِي مَرْكَزِ تَعْلِيمِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ.

      سَالِمٌ: أَهْلً وَسَهْلًا، أَنَا أَدْرُسُ فِي المُسْتَوَى المُتَوَسِّطِ، وَأَنْتَ؟

      رَامِي: وَأَنَا أَيْضًا أَدْرُسُ فِيهِ، رَائِعٌ أَنْ نَكُونَ زُمَلَاءَ!

      سَالِمٌ: أَنَا أَيْضًا سَعِيدٌ بِذَلِكَ.

      رَامِي: أَيْنَ تَعَلَّمْتَ اللُّغَةَ العَرَبِيَّةَ؟

      سَالِمٌ: تَعَلَّمْتُهَا فِي بَلَدِي، دَرَسْتُ كُلًّ مِنَ المُسْتَوَى التَّمْهِيدِيِّ وَالمُبْتَدِئِ مُدَّةَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالآنَ أَنَا هُنَا فِي مِصْرَ لِأُكْمِلَ بَرْنَامَجِي.

      رَامِي: أَنْتَ تَتَحَدَّثُ العَرَبِيَّةَ جَيِّدًاهَذَا رَائِعٌ!   أَنَا تَعَلَّمْتُ العَرَبِيَّةَ فِي بَلَدِي  أَيْضًا فِي جَامِعَةٍ مُدَّةَ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ.

      سَالِمٌ: هَذِهِ مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ!

      رَامِي: تَعَالَ نَجْلِسُ فِي المَكْتَبَةِ، أَسْتَضِيفُكَ بِكُوبٍ مِنَ الشَّايِ، وَنَتَحَدَّثُ عَنِ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ.

      سَالِمٌ: حَسَنًا، هَيَّا بِنَا.
       

      تَوَجَّهَ الصَّدِيقَانِ سَالِمٌ وَرَامِي إِلَى الْمَكْتَبَةِ، وَدَارَ بَيْنَهُمَا هَذَا الْحِوَارُ:

      رَامِي: هَلْ تَخْتَلِفُ العَرَبِيَّةُ عَنِ الإِنْجِلِيزِيَّةِ كَثِيرًا؟

      سَالِمٌ: نَعَمْ، تَخْتَلِفُ فِي الحُرُوفِ صَوْتًا وَكِتَابَةً؛ فَهُنَاكَ أَصْوَاتٌ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الإِنْجِلِيزِيَّةِ، كَحُرُوفِ الحَلْقِ السِّتَّةِ (ع، غ، ح، خ، ء، ه)، تُكْتَبُ وَتُقْرَأُ مِنَ اليَمِينِ إِلَى الشِّمَالِ، وَمُشْتَبِكَةً، وَكَذِلِكَ تَخْتَلِفُ فِي ضَبْطِ الحُرُوفِ؛ فَالْحَرْفُ الوَاحِدُ لَهُ أَصْوَاتٌ كَثِيرَةٌ تَعْرِفُهَا بِالْحَرَكَاتِ الَّتِي تُرْسَمُ فَوْقَهُ كَالفَتْحَةِ ( َ)، وَالضَّمَّةِ ( ُ)، وَالكَسْرَةِ ( ِ ) وَالسُّكُونِ ( ْ) وَالشَّدَّةِ ( ّ)، وَالتَّنْوِينِ بِالفَتْحِ وَالضَّمِّ وَالكَسْرِ ( ً ٍ ٌ )، وَالمَدِّ ( بَا، بِي، بُو ).

      رَامِي: تَعَلَّمْتُ هَذِه الأشَْياَءَ فيِ دَرْسِ القِرَاءَة،ِ وَلَكنِْ عِندِْي مُشْكلَِةٌ مَعَ بَعْضِ الكَلِمَاتِ.

      سَالِمٌ: وَمَا المُشْكِلَةُ؟!

      رَامِي: عِنْدَمَا أُتَرْجِمُ مِنَ العَرَبِيَّةِ إِلَى لُغَتِي كَلِمَاتٍ كَالعَامِ وَالسَّنَةِ أَجِدُهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
      هَذِهِ مُشْكِلَتِي، وَلَا أَدْرِي لِمَاذَا يَسْتَخْدِمُ العَرَبُ كَلِمَتَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؟!

      سَالِمٌ: نَعَمْ، هَذِهِ مُشْكِلَةٌ لِيَ أَيْضًا، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ المُعَلِّمَ يَقُولُ: إِنَّ (العَامَ) نَسْتَخْدِمُهَا إِذَا كَانَ الحَالُ جَيِّدًا، وَلَيْسَ فِي هَذَا العَامِ مُشْكِلَاتٌ، أَوْ وَقَعَتْ فِيهِ أَحْدَاثٌ جَيِّدَةٌ وَمُفِيدَةٌ لِلمُجْتَمَعِ، مِثْلُ (عَامِ الفِيلِ) وُلِدَ فِيهِ النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم، وَ(عَامُ الفَتْحِ) فُتِحَتْ فِيهِ مَكَّةُ، وَ(عَامُ الهِجْرَةِ) هَاجَرَ فِيهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَّةَ إِلَى المَدِينَةِ، وَنَقُولُ أَيْضًا (كُلُّ عَامٍ أَنْتُمْ بِخَيْرٍ)، أَمَّا السَّنَةُ فَنَسْتَخْدِمُهَا إِذَا كَانَ الحَالُ لَيْسَ جَيِّدًا، أَوْ مَرَّ الزَّمَانُ بِلَ فَائِدَةٍ لِلْمُجْتَمَعِ وَالنَّاسِ، مِثْلُ (سِنِيِّ يُوسُفَ)

      رَامِي: رَائِعٌ يَا سَالِمُ! لَدَيْكَ مَعْلُومَاتٌ كَثِيرَةٌ.

      سَالِمٌ: أَهَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ العَرَبِيَّةَ كَغَيْرِهَا مِنَ اللُّغَاتِ الأُخْرَى لَهَا لَهَجَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَالنَّاسُ لَا يَسْتَخْدِمُونَ الفُصْحَى فِي حَدِيثِهِمْ.

      رَامِي: نَعَمْ، لِذَلِكَ أَشْعُرُ بِالقَلَقِ، وَأَنَّ رِحْلَتِي بلَِ فَائِدَةٍ؛ فَكَيْفَ سَنَتَحَدَّثُ بِالعَرَبِيَّةِ وَنُمَارِسُهَا؟!

      سَالِمٌ: الفُصْحَى لُغَةُ الكِتَابَةِ وَالصِّحَافَةِ وَالإِذَاعَةِ، وَهَذَا يُسَاعِدُنَا عَلَى تَعَلُّمِ وَفَهْمِ العَرَبِيَّةِ الفُصْحَى.

      رَامِي: أَتَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا يَكْفِي؟!

      سَالِمٌ: بِالطَّبْعِ هَذَا لَا يَكْفِي، لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ مِنَّا إِلَى جُهْدٍ كَبِيرٍ وَنَشَاطَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ:
      أَوَّلُهَا الاسْتِمَاعُ إِلَى العَرَبِيَّةِ الفُصْحَى مِنَ الأَخْبَارِ، وَمُشَاهَدِةُ أَفْلَامٍ بِالفُصْحَى.

      رَامِي: أَنَا أُحِبُّ الاسْتِمَاعَ إِلَى القُرْآنِ الكَرِيمِ، وَأَسْتَفِيدُ مِنْهُ كَثِيرًا، وَأَشْعُرُ بِ..بِ.. بِ.. لَ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَصِفَ لَكَ مَا أَشْعُرُ بِهِ.

      سَالِمٌ: رُبَّمَا فِي المُسْتَقْبَلِ يُمْكِنُكَ ذَلِكَ، المُهِمُّ ثَانِيًا: قِرَاءَةُ الجَرَائِدِ وَالمَجَلَّاتِ وَالكُتُبِ العَرَبِيَّةِ،

      وَثَالِثًا: الكِتَابَةُ بِاللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ (الرَّسَائِلِ، وَالمُلَاحَظَاتِ، وَاليَوْمِيَّاتِ).

      رَامِي: لَكِنَّ المُهِمَّ يَا سَالِمُ أَنْ نُمَارِسَ الحَدِيثَ بِالعَرَبِيَّةِ مَعًا، وَمَعَ كُلِّ النَّاسِ حَوْلَنَا حَتَّى وَإِنْ تَكَلَّمُوا مَعَنَا بِالعَامِّيَّةِ أَوْ بِلُغَةٍ أُخْرَى، فَهُمْ يَفْهَمُونَ الفُصْحَى وَلَا يَتَكَلَّمُونَهَا.

      سَالِمٌ: حَسَنًا، اتَّفَقْنَا. إِذَنْ نَدْرُسُ مَعًا، وَنَخْرُجُ مَعًا، وَنَقْرَأُ مَعًا، وَنَتَحَدَّثُ مَعًا بِالْعَرَبِيَّةِ الْفُصْحَى.